Saturday, May 25, 2013

صورة الأله


منذ بداية التاريخ أقترن وجود الأنسان على الأرض بفكرة وجود كائن أعلى منه، جاء منه و يعود إليه بعد الموت، يتحكم فى ظروف الحياة حوله، كائن أقوى منه يستطيع أن يهلكه و يستوجب على الأنسان الخوف منه و التقرب إليه طلباً لرضاه
و بعقلية الأنسان البدائى كان لابد من الرمز للكائن أو الأله أو تجسيده فى كيان حتى يتمكن الأنسان من رسم صورة و خصائص للأله و نسج القصص و الأساطير حوله ليعرف الأنسان كيفية التقرب منه أو تجنب غضبه
و نجد أن فكرة الرمز للأله موجودة فى أغلب الديانات سواء الأديان القديمة مثل:
الديانات الأشورية: مثل أسطورة عشتار
الديانات المصرية القديمة: أسطورة إيزيس و أوزوريس و عبادة الحيوانات و رسم صور و تماثيل للألهة
مروراً بأغلب الديانات فى التاريخ مثل الأساطير الأغريقية التى حكت عن الألهة و نسجت عنهم الأساطير و صنعت لهم التماثيل و أقامت حولها المعابد
و فى ديانات موجودة حتى الأن مثل الهندوسية و البوذية
إلا أن هناك فكرة مختلفة ظهرت على يد أبراهيم عندما بدأ بالدعوة للأله مطلق لا أحد يراه و لا رمز له، كان من الطبيعى عدم قبول فكرة أبراهيم التى تخالف ما تعارف عليه البشر منذ زمن سحيق،  لذلك نجد أن دعوة أبراهيم أنتشرت بشكل رئيسى سلالته سواء فرع بنى أسرائيل أو فرع العرب
بالنسبة للأولى فقد تطورت دعوة أبراهيم و أصبحت اليهودية على يد موسىى و حافظت على فكرة عدم الرمز للأله –لست ملماً باليهودية بشكل كبير و لكن نذكر قصة السامرى الذى رمز للأله بعجل ذهبى فغضب موسى و رفض هذا الفعل- و أستمرت الدعوة فى بنى أسرائيل على هذا المنوال لعدة قرون
ثم جاءت المسيحية و تطورت من مجرد دعوة فى بنى أسرائيل لديانة عالمية فكان من الطبيعى عودة الرمز و تطوره، فكان الصليب الذى يرمز للأله و تضحيته من أجل البشر، و الخبز و الشراب فى القداس يرمز لجسد المسيح و دمه
و تطور الرمز عند الكاثوليك، فقد رمزوا للأب بصورة رجل كبير قوى البنية ذو لحية بيضاء و هى صورة أستخدمها الأغريق من قبل للرمز لكبير ألهتهم زيوس، و ساعد هذا الرمز أكثر فى تقريب المسيحية للطبيعة البشرية التى لا تقتنع إلا بالرمز
بالنسبة للفرع العربى من سلاسة أبراهيم الوضع كان مختلف عن بنى أسرائيل، فبعد أبراهيم و أبنه أسماعيل قلت الدعوة فى العرب –ربما توقفت- مما أدى إلى رجوع فكرة الرمز، فصنع العرب التماثيل التى قالوا عن بعضها أنها ألهه و بعضها الأخر ألهة تنتسب لله -الأله الذى دعى له أبراهيم- فكان لهم ألهم ألهة مثل اللات و العزى التين قيل أنهن بنات الله و أستمر الوضع هكذا حتى ظهر الأسلام الذى رفض فكرة الرمز للأله تماماً و حاربها
و ظهرت فكرة الرمز للأله على أستحياء بين بعض المسلمين فى القرون التى تلت ظهور الأسلام، فنجد بعض الفرق تحاول تخيل شكل الأله –بعضهم مثلاً قالوا أن له يد- و نجد فرق أخرى ترفض هذا الرمز و تعتبره خروج عن الدين
و مع ذلك فالأسلام ليس خالى من الرموز تماماً و لكنها ليست رموز للأله، فنجد الكعبة ترمز لبيت الله فى الأرض و القرآن يرمز لكلام الله للبشر، و هذه الرموز تتطور لرموز للأله فى النفس البشرية التى تميل بطبعها لرمز الأله، فنجد عند المسلمين العرب أن التطاول على القرآن أو الكعبة هو تطاول على الأله
فى النهاية، أيهما أفضل أن تعبد أله ترسم له صورة فى خيالك و ترمز له و تسحضره فى عقلك و أنت تصلى له، أم الفكرة التى دعى لها أبراهيم، فكرة الأله المطلق الذى لا رمز له الذى تشعر بوجوده حسب مدى أيمانك به؟!!
أعتقد أن كل واحد يرى أن الفكرة التى نشأ عليها هى الصحيحة و لديه تبريرات لصحتها و لخطأ الفكرة الأخرى، فلا داعى للأجابة...