Thursday, March 15, 2012

من هو جمال عبد الناصر؟!


        من هو جمال عبد الناصر هذا، قد سمعت المشير "طنطاوى" يتحدث عنه فى أحدى خطبه قائلاً "أسوة بالزعيم جمال عبد الناصر...."، عندها قلت هو رئيس سابق و ضابط جيش مثله له اعمال عظيمة يرى سيادة المشير أن نسير على خطاه و نحترم ذكراه.
ثم وجدت أن الموضوع أكبر من هذا، عندما توفى أبن جمال عبد الناصر فى أخر 2011 وجدت المشير "طنطاوى" و هو قائد الجيش و حاكم البلاد يمشى فى جنازته بصفة رسمية، و هو أمر غير  معتاد أن يمشى الحاكم فى جنازة أبن حاكم سابق متوفى فلم نرى عبد الناصر فى جنازة أبن "محمد نجيب"، بل لم نرى "مبارك" نفسه فى جنازة حفيده، أذن الأمر أكبر من الوفاء لذكرى حاكم و رئيس سابق، أنه وفاء لعبد الناصر الرمز لا الرئيس!
ولا نجد ذلك فى نفس المشير فقط بل إن كل من عاش أيام "عبد الناصر" لا ينساه بل و يعتبره أباً و زعيماً لا ينسى، و حقاً كانت للرجل كاريزما عظيمة و رغم أختلاف البعض عليه لسبب أو لأخر، قد كان يشعل حماس الجماهير بخطبه و جعل للشعب مشروع و هدف قومى، و كان معشوق الجماهير و رأينا ذلك فى صدمة الناس فى جنازته، و أنه لشئ عظيم حقاً إلا ينسوا الرجل بعد رحيله بأكثر من أربعين عاماً...
و لكن لماذا لا أشعر بكل هذا، لماذا ذهب المشير لجنازة أبن عبد الناصر، و أنا و غيرى من شباب الثورة قرأنا الخبر كغيره فى صفحة الوفيات!، الأجابة هى أن كل كل الذين يشغلون المناصب العليا من وزراء و رؤساء تحرير صحف كلهم عاشوا أيام عبد الناصر بل و بعضهم عاصر الملك "فاروق" مما يجعلهم فى السبعينات و الثمانينات من العمر، فحين جيلنا بل و جيل أبائنا إيضاً لا نعرف سوى حاكم واحد و قمنا بثورة عليه.
كنا نشتكى قبل الثورة بأن الحكام لا يسمعونا، الأن نحن نجبر الجميع أن يسمعنا و لكن هل يفهمونا، هناك فجوة كبيرة بيننا ليست فى العمر وحده لكن فى الثقافة إيضاً، ليس من تربى أمام الكمبيوتر و الأنترنت كمن تربى أمام الراديو يسمع خطب "ناصر" ، رأينا الشباب يموت فى بورسعيد ثم يظهر رئيس الوزراء المسن يتحدث عن ملابسه التى لم يغيرها منذ يوم و هناك أمثلة أخرى كثيرة...
عندما قامت ثورة 1952، قررت مصر الأعتماد على الشباب بالكامل و رأينا جيل الباشوات و فيه أسماء لا تقل عن "مكرم عبيد باشا"، "على ماهر باشا"، و زعيم الأمة "مصطفى النحاس باشا" و هم جيل كان وقتها مازال قادر على العطاء، رأيناهم ينسحبوا ليفسحوا المجال لجيل الشباب لذلك ظهر "جمال عبد الناصر"، "على و مصطفى أمين"، "أنيس منصور"،"هيكل" و أسماء أخرى كثيرة أحدثت نقلة حضارية كبيرة، و الصراحة إن مصر حافظت على هذه الطريقة فى الأعتماد على الشباب حتى الأن و لكننا _ لأننا شعب حافظ مش فاهم_ نعتمد على شباب 1952
أيها السادة الحكام قد أخذتم فرصتكم و آن الأوان أن تنسحبوا كما أنسحب من أعطوكم هذة الفرصة، و أن تعطوا الشباب فرصتهم فى أدارة هذة البلاد فهم المسؤلين عن ولادتها من جديد فى وقت كنتم تتابعون أخبارهم عبر الجزيرة من بيوتكم فى عز برودة يناير

Saturday, March 3, 2012

عباس جاى


        فى وجدان أغلب الشعوب توجد دائماً صورة البطل الغائب الذى يعود عندما يشتد الظلم فينصر شعبه و يحقق العدل و يرفع الظلم، و يكون هذا الأمل هو الدافع الوحيد للشعوب للبقاء و تحمل الظلم، و قد يكون هذا البطل شخصية حقيقية مثل فريدريك بربروسا عند الألمان و الحاكم بأمر الله عند بعض الشيعة أو شخصية أسطورية مثل الملك أرثر عند الأنجليز
و قد يكون أصل هذا الشعور هو أنتظار الشعب للملك الذى ذهب ليحارب و لم يرجع بعد، أو موت الملك و المعاناة بعده فى ظل حاكم ظالم، و فى أغلب هذه القصص يكون البطل الذى مات لا يوجد دليل على موته أو غير معروف مكان قبره فلا يصدق الشعب موته ، و يرى بعض المؤرخين أن أصل هذه الصورة الوجدانية هى قصة أصحاب الكهف الذى ظلوا فى الكهف قرون و خرجوا بعد أن ظن الناس موتهم و لكن عند بحث التاريخ القديم نجد هذا البطل عند شعوب عاشت قبل قصة أصحاب الكهف بكثير
بل نجد هذا البطل فى كل الأديان السماوية متمثلاً فى المسيح الذى أنتظره اليهود ليكون ملكاً عليهم و يرفع عنهم الظلم و يعيد مكانتهم، و هو نفس المسيح الذى ينتظره المسيحيين و المسلمين ليعود فى أخر الزمان ليقضى على الظلم و ينشر العدل
تجد أن هذه الصورة هى نفس ما يشعر به الطفل الصغير الذى يتركه أبوه فى مكان يخيفه فينتظره و يشعر بالضياع دونه، إيضاً البطل هو أبو الشعوب الذى تركها و تعانى دونه فتظل منتظرة قدومه و يكون هذا الأنتظار هو الأمل الذى من أجله تحيا الشعوب و تتحمل هذا الظلم
و من أطرف القصص الذى حدثت فى مصر عن هذا الموضوع قصة "عباس جاى" التى ظل يرددها المصريون ثلاثين عاماً، فقد كان يحكم مصر منذ عام 1892م الخديوى "عباس حلمى الثانى" و كان شاب وطنى يكره الأحتلال الأنجليزى و يساند الحركة القومية بقيادة مصطفى كامل و قد ساعده فى تأسيس الحزب الوطنى –الله يسامحه بقى- و شهدت مصر فى عهده تقدماً كبيراً
ثم جاء عام 1914م و قرر الخديوى زيارة الخليفة العثمانى السلطان محمد الخامس، فركب المحروسة من الأسكندرية غير عالم إن هذا أخر عهده بمصر كما ركبها من قبله جده أسماعيل و من بعده أبن عمه فاروق، و بعد  مقابلة السلطان و عند خروجه من الباب العالى حاول شاب مصرى أغتياله فأصيب الخديوى و مكث فى الأستانة عدة أشهر ليعالج
و فى هذه الفترة أشتعلت الحرب العالمية الأولى و أعلنت أنجلترا الحماية على مصر و خلع الخديوى، الذى لم يعد لمصر ثانية و لكن المصريين لم ينسوه لأنهم أحبوه و ظلوا يهتفوا بأسمه عشرات السنين فى مظاهرات قائلين "الله حى، عباس جاى، ضرب البومبة فى رأس العمدة و هو جاى"، البومبة هنا مقصود بها القنبلة bomb و العمدة هو المعتمد البريطانى الذى يمثل سلطة الأحتلال و لأجل الأمانة الهتاف لم يذكر رأسه، و ظل هذا الهتاف 30 عاماً حتى توفى عباس حلمى عام 1944م
و لكن هذا المصريين فى أثناء هذا الوقت لم يكتفوا بأنتظار عودته بل قاموا بثورة 1919 ، و هذا ما يجب أن تفعله الشعوب عندما تواجه الظلم أن تثور لا أن تنتظر بطلاً خيالياً يأتى يقتل التنين مثل مار جرجس و يخلصها من عذابها، بل خلاص الشعوب دائماً فى أيديها...